الدكتور محمود عبد الله  يكتب .. تقوس الساقين عند الأطفال

خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، فمن بديع خلقه سبحانه وتعالى أن خلق الساقين مستقيمتين، فترى مفصل الفخذ على نفس استقامة مفصل الركبة، في نفس الخط يوجد الساقين إلى أن تصل إلى الكاحل، في خطٍ مستقيم، وهذا لحكمة توزيع وزن الجسم بشكل متساوي على القدمين لكن في بعض الحالات يحدث اعوجاج في هذا الخط المستقيم (الواصل من الفخذ إلى الكاحل)، ويسمى هذا الاعوجاج بتقوس الساقين.

يولد الطفل الطبيعي بنسبة تقوس في الساقين، وتقل هذه النسبة مع التقدم في العمر، إلى أن تختفي طبيعياً عند سن السنتين، وهذا التقوس يساعد الطفل على التوازن في بدايات تعلم المشي، ويحميه من الوقوع المتكرر، لكن بعد سن السنتين من  الطبيعي أن تكون الساقين مستقيمتين، أي عند جلوس الطفل على كرسي مرتفع ونزول رجليه في وضع مستقيم بزاوية تسعين درجة، تكون الركبتين متوازيتين في وضع أمامي، والساقين متوازيتين تماماً، والقدمين بجوار بعضهما البعض، كما ترى في الصورة.

يعتبر تقوس الساقين عند الأطفال واحد من أشهر تشوهات عظام الأطفال، والأكثر انتشاراً في وقتنا الحالي، كما تنتشر حوله كثير من المعتقدات الشائعة والخاطئة، والتي تؤثر سلباً على صحة الطفل ومستقبله، في هذه المقالة سنناقش كل ما يتعلق بتقوس الساقين، أسبابه وطرق علاجه.

وفي أغلب حالات تقوس الساقين  لا توجد أعراض معينة أو  شكوى من أي ألم،  ولكن تكون المشكلة فى الشكل فقط يكون.

وتشمل أنواع تقوس الساقين للأطفال  فى تقوس الساقين للداخل وفيه تكون الساقين على كل حرف سي C وتكون الركبتين بينها مسافة وغير متقاربتين  ، وتقوس الساقين للخارج وهو عكس تقوس الساقين للداخل وتكون فيه الركبتين ملتصقتين ببعضهما والساقين متباعدين.

وتتمثل أسباب تقوس الساقين فى لين العظام ونقص فيتامين دال وهو السبب الأكثر انتشاراً  ، ومرض بلاونت (مشكلة في مركز النمو وفيه الجزء الداخلي من مركز النمو ينمو ابطأ من الجزء الخارجي أو حدث اعوجاج مركز النمو وفيه  يكون الجزء الداخلي منخفض المستوى عن الجزء الخارجي وفي بعض الحالات يحدث انسداد  لمركز النمو بجزء عظمي وفي هذه الحالة لابد من إزالته جراحياً).

ويعتمد علاج تقوس الساقين في الأساس  على  علاج سبب التقوس، وخاصة أن  90 % من حالات تقوس العظام سببها لين العظام، الناتج عن نقص فيتامين دال والكالسيوم، و 10 % فقط ناتج عن أسباب أخرى.

ولكن متى نلجأ لعملية إستعدال تقوس العظام جراحياً ؟

ومسألة اللجوء لعملية إستعدال تقوص العظام جراحياً تتوقف على عمر الطفل  وهو المؤشر الأساسي لنوع العلاج، فالطفل الأكبر سناً تقل معه فرص العلاج الدوائي ويحتاج في الغالب إلى تدخل جراحي،

ففي حالات التقوس للداخل (الركبتين متباعدتين) نلجأ للحل الجراحي إذا كان عمر الطفل أكبر من خمس سنوات أو في حالة عدم الاستجابة للعلاج بالأدوية، وفي حالات التقوس للخارج (الركبتين متقاربتين) تزيد فرصة العلاج بأدوية إلى عمر ثمانية سنوات، والطفل الأكبر من ثمانية سنوات في الغالب يحتاج إلى تدخل جراحي.

والعلاج المبكر والطفل في سن صغيرة و المتابعة الدورية عند دكتور عظام الأطفال هما عنصرا الأمان لعلاج تقوس العظام بدون جراحة.

 ولكن السؤال الذى يطرح نفسه هل مشكلة تقوس الساقين في الشكل الجمالي للجسم فقط؟   والإجابة لا، تقوس الساقين يجب علاجه، حتى وإن لم يشتكي الطفل من ألم، أو يعاني من أي مشاكل في المشي بسبب، فالتقوس يسبب خشونة الركبة مبكرة قد تحتاج إلى تغيير مفصل الركبة في سن صغيرة.

وتتمثل أنواع جراحات تقوس العظام  هناك نوعين من الجراحة لعلاج تقوس الساقين للأطفال النوع الأول شق عظمي وتثبيت بأسلاك معدنية، وفيه يتم كسر العظمة المسببة للاعوجاج سواء عظمة الفخذ أو القصبة وتعديل الاعوجاج، وتثبيت العظمة بأسلاك معدنية، ثم جبس لفترة من شهر إلى شهرين ومن أهم مزاياه أن النتيجة تظهر فور الخروج من غرفة العمليات ولا يحتاج الطفل إلى عمليات أخرى.

اما النوع الثاني وهو تقنية حديثة تستخدم في الأطفال الأصغر سناً وهي  شريحة توجيه النمو، وفيها يتم تثبيت مركز النمو بشريحة على شكل رقم 8 تعمل على توقيف النمو في اتجاه واحد، ومع نمو العظمة طبيعيا تكون اصبحت مستقيمة، ومن مزايا هذه التقنية أنه لا يوجد كسر للعظمة و الجرح يكون  صغير (3 سم تقريباً)، لكن من عيوبه أن النتيجة تظهر بعد وقت طويل من العملية  ويحتاج الطفل إلى جراحة أخرى لإزالة الشريحة.

سن الطفل هو الفيصل أيضاً في اختيار نوع الجراحة، لأن استخدام شريحة توجيه النمو يحتاج أن تكون مراكز النمو مازلت نشطة وهناك فترة طويلة قبل توقف النمو عند الطفل (عمر 14 سنة عند البنات و 16 سنة عند الذكور).

ومن أكثر المعتقدات شيوعاً هي أن التقوس طبيعي، أو يقل مع الوقت تدريجاً يدون علاج والبعض يقول أنه علاجه تجميلي فقط، كل هذه المعتقدات خاطئة، التقوس مرض يجب علاجه مبكراً، للتسهيل على الطفل وحفاظاً على صحته.

استشارى جراحة العظام بمستشفى المطرية التعليمى والسلام الدولى