أمراض الفخذ والركبةأخبار الصحة

قطع الرباط الصليبي الأمامي: الأعراض، الجراحة، ومراحل التأهيل (ACL Tear)

الدكتور محمود عبد الله

قطع الرباط الصليبي الأمامي: دليل شامل للتشخيص والجراحة والتأهيل

 

يُعتبر الرباط الصليبي الأمامي (ACL) شريان الاستقرار الرئيسي لمفصل الركبة. إصابته، والمعروفة بـ قطع الرباط الصليبي الأمامي (ACL Tear)، هي واحدة من أخطر الإصابات الرياضية وأكثرها شيوعاً، وتتطلب غالباً تدخلاً جراحياً دقيقاً وبرنامج تأهيل مكثفاً لضمان عودة المريض إلى حياته الطبيعية ونشاطه الرياضي.


قطع الرباط الصليبي الأمامي
قطع الرباط الصليبي الأمامي

للتواصل واتساب

وظيفة الرباط الصليبي الأمامي والآلية المرضية

 

يقع الرباط الصليبي الأمامي داخل مفصل الركبة، ويتخذ شكلاً متقاطعاً مع الرباط الصليبي الخلفي. هذا الرباط يقوم بوظيفتين حيويتين:

  1. منع الانزلاق الأمامي: يمنع تقدم عظم الساق (Tibia) إلى الأمام بالنسبة لعظم الفخذ (Femur).
  2. الثبات الدوراني: يقاوم الحركة الدورانية المفرطة في الركبة، مما يجعله أساسياً عند تغيير الاتجاهات.

 

أسباب قطع الرباط الصليبي الأمامي

 

يحدث قطع الرباط الصليبي الأمامي في أغلب الأحيان (حوالي 70% من الحالات) دون أي احتكاك مباشر، وذلك عبر:

  • حركات الدوران والقص المفاجئة: مثل التوقف السريع وتغيير الاتجاه أثناء الجري (Cut and Pivot).
  • الهبوط الخاطئ: الهبوط بعد القفز مع بقاء الركبة مفرودة بالكامل أو انحنائها للداخل (Valgus Collapse).
  • الاحتكاك المباشر: اصطدام عنيف بالركبة من الأمام أو الجانب، كما يحدث في رياضات التلامس.

 

عوامل الخطورة الرئيسية

 

  • النوع (الجندر): الإصابة أكثر شيوعاً لدى السيدات بسبب اختلافات تشريحية (مثل زاوية Q الأوسع) وعوامل هرمونية تزيد من ارتخاء الأربطة.
  • الضعف العضلي: عدم التوازن في القوة بين عضلات الفخذ الأمامية (Quadriceps) والخلفية (Hamstrings).
  • البيوميكانيكا الضعيفة: استخدام أنماط حركة خاطئة أثناء القفز أو الهبوط.

 

الأعراض الفورية وعلامات عدم الثبات

 

تظهر أعراض قطع الرباط الصليبي الأمامي بشكل حاد ومفاجئ، وهي غالباً ما تمنع المصاب من إكمال نشاطه:

  • صوت الفرقعة (Pop Sound): إحساس واضح بـ “طقطقة” أو صوت فرقعة مسموع في الركبة وقت وقوع الإصابة.
  • الألم الحاد: ألم مفاجئ وشديد يتركز في المفصل.
  • التورم السريع (Hemarthrosis): يحدث تورم سريع خلال ساعات قليلة بسبب النزيف داخل المفصل من الرباط الممزق، مما يزيد الألم بشكل كبير.
  • عدم ثبات الركبة (“Giving Way”): الشعور بأن الركبة “تتخلى عنك” أو غير ثابتة، خاصة عند محاولة حمل الوزن أو الدوران.
  • فقدان الحركة: صعوبة في فرد أو ثني الركبة بالكامل، خاصة في الأيام الأولى بسبب التورم والألم.

 

التشخيص: الأدوات السريرية والتصويرية

 

يعتمد التشخيص الدقيق على مزيج من الفحص الطبي المتخصص والتصوير:

  1. الفحص الإكلينيكي:
    • اختبار لاكمان (Lachman Test): يُعد الأكثر حساسية لتشخيص القطع الحاد والمزمن. يتم فيه محاولة سحب عظم الساق للأمام بينما تكون الركبة مثنية قليلاً.
    • اختبار السحب الأمامي (Anterior Drawer Test): اختبار أقل حساسية، ولكنه يُظهر عدم الثبات الأمامي.
  2. التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): هو المعيار الذهبي لتأكيد تشخيص قطع الرباط الصليبي الأمامي، حيث يوضح الرباط نفسه بوضوح. كما يُستخدم لتقييم أي إصابات أخرى مصاحبة، مثل:
    • تمزق الغضروف الهلالي (Meniscus Tear).
    • إصابات الغضروف المفصلي (Chondral Injuries).
    • وجود كدمات عظمية أو كسور صغيرة.
  3. الأشعة السينية (X-ray): تُستخدم لاستبعاد الكسور المصاحبة، خاصة كسور عظم الساق.

 

خيارات العلاج والترقيع الجراحي

 

قرار العلاج يعتمد على عمر المريض، ومستوى نشاطه الرياضي، ومدى عدم الثبات الذي يشعر به:

 

1. العلاج التحفظي (غير الجراحي):

 

يُوصى به عادة لكبار السن أو الأشخاص ذوي النشاط المحدود جداً. يشمل:

  • الراحة، استخدام الثلج، الضغط، ورفع الطرف (R.I.C.E.).
  • العلاج الطبيعي المكثف لتقوية العضلات المحيطة بالركبة (Hamstrings و Quadriceps) لتعويض دور الرباط المقطوع، واستخدام الدعامات في بعض الأحيان.

 

2. العلاج الجراحي (إعادة البناء – ACL Reconstruction):

 

يُعد الخيار الأمثل للرياضيين وصغار السن أو من يعانون من عدم ثبات مزمن. يجب التنويه إلى أن الرباط الصليبي الأمامي لا يُخاط (Repair) في معظم الحالات بسبب ضعف التروية الدموية، بل يُعاد بناؤه (Reconstruction).

  • التقنية الجراحية: تتم العملية غالباً عن طريق المنظار الجراحي (Arthroscopy)، حيث يتم إزالة الرباط الممزق واستبداله بترقيع.
  • أنواع الترقيع (Grafts):
    • أوتار المريض الذاتية (Autograft): هي الأكثر شيوعاً. تُستخدم أوتار من نفس المريض، مثل وتر العضلة نصف الوترية (Hamstring Tendon) أو وتر الرضفة (Patellar Tendon).
    • ترقيع المتبرع (Allograft): يُستخدم في بعض الحالات المعقدة أو لدى كبار السن.

 

التأهيل بعد عملية الرباط الصليبي: مفتاح النجاح

 

تُعتبر مرحلة التأهيل بعد عملية إعادة بناء الرباط الصليبي الأمامي حاسمة للنجاح، وهي عملية طويلة تستغرق عادة من 9 إلى 12 شهراً للعودة الكاملة للرياضات عالية الاحتكاك.

المرحلة المدة التقريبية الهدف الأساسي
الأولى (الحماية) 0 – 2 أسبوع السيطرة على الألم والتورم، واستعادة فرد الركبة الكامل (Extension).
الثانية (التقوية المبكرة) 2 – 6 أسابيع تقوية عضلات الفخذ والساق بتمارين “السلسلة المغلقة” (القدم ثابتة)، وتحسين مدى الحركة.
الثالثة (القوة الوظيفية) 6 أسابيع – 6 أشهر تدريبات التوازن والتناسق الحركي (Proprioception)، وتمارين تقوية مكثفة.
الرابعة (العودة للرياضة) 6 – 9 أشهر فأكثر تدريبات الركض، القفز، وتغيير الاتجاهات. العودة للرياضة بعد اجتياز اختبارات قوة واستقرار محددة.

 

الخلاصة والمضاعفات المستقبلية

 

قطع الرباط الصليبي الأمامي إصابة بالغة الأهمية. عدم علاجها قد يؤدي إلى عدم ثبات مزمن بالركبة، مما يزيد من خطر تمزق الغضروف الهلالي والضرر بالغضروف المفصلي. المضاعفة الأكثر خطورة على المدى الطويل هي التطور السريع لـ خشونة الركبة المبكرة (Post-traumatic Osteoarthritis)، حتى بعد الجراحة الناجحة. لذا، فإن التشخيص السريع والتدخل العلاجي السليم وبرنامج التأهيل المتكامل هي الأساس لاستعادة كفاءة المفصل ومنع التدهور المستقبلي.

لا تفوتك مقالاتنا عن اختناق أوتار الكتف (Impingement Syndrome)