أخبار الصحةأمراض القدم والكاحل

أسباب ألم الكعب: من اللفافة الأخمصية إلى الشوكة العظمية

دكتور محمود عبد الله

أسباب ألم الكعب: دليل شامل للتشخيص والعلاج

 

يُعد ألم الكعب (Heel Pain) من أكثر المشاكل الصحية شيوعاً التي تؤثر على الأشخاص من مختلف الأعمار وأنماط الحياة. سواء كان الألم حاداً عند الاستيقاظ صباحاً أو ألماً خفيفاً يزداد سوءاً مع المشي، فإن تأثيره على القدرة على الحركة والنشاط اليومي لا يمكن تجاهله. إن ألم الكعب ليس مرضاً في حد ذاته، بل هو عرض لمشكلة كامنة. فهم التركيب التشريحي للكعب وأبرز أسبابه يُعد الخطوة الأولى نحو التشخيص الصحيح والعلاج الفعّال.

 

أسباب ألم الكعب
أسباب ألم الكعب

للتواصل واتساب

التركيب التشريحي للكعب: فهم ميكانيكية قدمك

 

الكعب هو الجزء الخلفي من القدم الذي يتحمل الجزء الأكبر من وزن الجسم عند المشي والوقوف. يتكون الكعب من عدة تراكيب أساسية:

  • عظمة الكعب (Calcaneus): هي أكبر عظام القدم، وتُعد حجر الزاوية في الهيكل العظمي للقدم.
  • اللفافة الأخمصية (Plantar Fascia): هي شريط سميك وقوي من الأنسجة الليفية يمتد من الجزء السفلي لعظمة الكعب إلى أصابع القدم. وظيفتها الرئيسية هي دعم قوس القدم وامتصاص الصدمات.
  • وتر أخيل (Achilles Tendon): يربط عضلات ربلة الساق بعظمة الكعب.
  • الأكياس الزلالية (Bursae): هي أكياس صغيرة مملوءة بسائل تقع في أماكن مختلفة حول الكعب، وتعمل على تقليل الاحتكاك بين العظام والأوتار.

 

الأسباب الأكثر شيوعاً لألم الكعب

 

تتعدد أسباب ألم الكعب، لكن معظمها يرتبط بالإجهاد الزائد على الأوتار والأربطة. أبرز هذه الأسباب هي:

  1. التهاب اللفافة الأخمصية (Plantar Fasciitis): هو أكثر أسباب ألم الكعب شيوعاً. يحدث نتيجة التهاب في النسيج الليفي السميك الذي يدعم قوس القدم. يعاني المريض من ألم حاد ومُشابه للطعن عند اتخاذ الخطوات الأولى صباحاً بعد الاستيقاظ أو بعد فترات طويلة من الجلوس. يتحسن الألم تدريجياً مع الحركة، ولكنه قد يعود مع النشاط الزائد.
  2. الشوكة العظمية (Heel Spur): هي نتوء عظمي صغير ينمو أسفل عظمة الكعب. على عكس الاعتقاد الشائع، فإن الشوكة العظمية نادراً ما تكون السبب الرئيسي للألم. غالباً ما ترتبط بالتهاب اللفافة الأخمصية، والألم في الواقع ينشأ من التهاب الأنسجة الرخوة حول الشوكة، وليس من العظم نفسه.
  3. التهاب وتر أخيل (Achilles Tendinitis): يسبب هذا الالتهاب ألماً في الجزء الخلفي من الكعب. يزداد الألم مع النشاط، خاصة عند صعود الدرج أو المشي على أطراف الأصابع. يُعاني المصاب أيضاً من شد أو تصلب في عضلة الساق، خاصة في الصباح.
  4. التهاب الأكياس الزلالية (Bursitis): هو التهاب في الأكياس الزلالية الموجودة خلف أو تحت الكعب. يحدث عادةً بسبب الاحتكاك المستمر الناتج عن ارتداء أحذية ضيقة أو غير مناسبة. يتميز الألم بالاحمرار والتورم والحرارة في منطقة الكيس الملتهب.
  5. كسور الإجهاد (Stress Fractures): هي شروخ دقيقة تحدث في عظمة الكعب نتيجة الضغط المتكرر والمستمر، مثل الجري لمسافات طويلة أو ممارسة رياضات عالية التأثير. يبدأ الألم خفيفاً ويزداد تدريجياً مع النشاط، ويُخف بالراحة.
  6. اعتلال العصب الظنبوبي الخلفي (Tarsal Tunnel Syndrome): هي حالة نادرة تنجم عن انضغاط العصب الظنبوبي الخلفي (Posterior Tibial Nerve) عند مروره عبر “نفق الكاحل” (Tarsal Tunnel) خلف الكعب. يُعاني المريض من ألم مصحوب بإحساس حارق أو وخز أو تنميل يمتد إلى باطن القدم.
  7. أمراض جهازية: قد تكون آلام الكعب عرضاً لأمراض جهازية تؤثر على الجسم بالكامل، مثل:
    • التهاب المفاصل الروماتويدي: الذي يمكن أن يسبب التهاباً وتآكلاً في مفاصل القدم.
    • النقرس: الذي يسبب ترسب بلورات حمض اليوريك في المفاصل.

 

عوامل الخطورة والتشخيص

 

تزيد بعض العوامل من احتمالية الإصابة بـ ألم الكعب:

  • السمنة وزيادة الوزن: يضع الوزن الزائد حملاً هائلاً على الكعب واللفافة الأخمصية.
  • طبيعة النشاط: الوقوف أو المشي لفترات طويلة، أو ممارسة الرياضات عالية التأثير.
  • الأحذية غير المناسبة: الأحذية التي لا توفر دعماً كافياً لقوس القدم أو الأحذية ذات الكعب العالي.
  • تشوهات القدم: مثل القدم المسطحة (Flat Feet) أو القدم ذات القوس العالي.

التشخيص:

  • التاريخ المرضي والفحص الإكلينيكي: يستمع الطبيب إلى وصف المريض للألم ويقوم بفحص القدم يدوياً لتحديد موقع الألم.
  • الأشعة السينية: تُستخدم للكشف عن الكسور أو الشوكة العظمية.
  • الموجات فوق الصوتية (Ultrasound): تُستخدم لتقييم سمك اللفافة الأخمصية والأنسجة الرخوة.
  • الرنين المغناطيسي (MRI): يُعتبر الخيار الأمثل في الحالات المعقدة أو عند الشك في وجود كسر إجهادي أو ورم.

 

خيارات العلاج المتاحة

 

يعتمد العلاج على السبب الأساسي للألم، وغالباً ما يبدأ بالحلول التحفظية:

  • العلاج التحفظي:
    • الراحة والكمادات الباردة: تجنب الأنشطة التي تزيد الألم.
    • التمارين: تمارين إطالة اللفافة الأخمصية وعضلة الساق.
    • الأدوية: مسكنات الألم ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs).
    • الأحذية والدعامات: ارتداء أحذية داعمة ومريحة، واستخدام الدعامات الطبية (Orthotics) لزيادة دعم قوس القدم.
  • العلاج المتقدم:
    • حقن الكورتيزون: يُستخدم في الحالات المستعصية لتقليل الالتهاب بشكل مباشر.
    • العلاج بالموجات الصدمية (Shockwave Therapy): يعمل على تحفيز الشفاء في الأنسجة الملتهبة.
    • الجراحة: تُعتبر الملاذ الأخير في الحالات التي لا تستجيب للعلاجات الأخرى.

 

الخلاصة

 

ألم الكعب عرض شائع له أسباب متعددة، أبرزها التهاب اللفافة الأخمصية. إن التشخيص المبكر والدقيق هو مفتاح العلاج الفعّال. باتباع نصائح الطبيب والالتزام ببرنامج العلاج المناسب، يمكن للمريض استعادة حركته والتخلص من الألم بشكل نهائي، مما يُحسن من جودة حياته بشكل كبير.