تداعيات مرض كوفيد 19 على الصحة النفسية”
حسام نبيل: الاهتمام بالصحة النفسية واتخاذ التدابير الإيجابية في مثل هذه الفترات العصيبة أمرًا غاية في الأهمية
تماسك المجتمعات هو حجر الأساس في الحفاظ على الصحة النفسية
ألقت جائحة كوفيد 19 بظلالها على العالم خلال العاميين الماضيين وتركت العديد من الأحزان والأعراض العضوية التي مازال يعاني منها البعض، وعلى الرغم من توافر التطعيمات الآن بشكل كبير واتجاه الدول لتوفير اللقاحات لكافة المواطنين في أسرع وقت ممكن، إلا أن ما خلفته الجائحة من آثار نفسية على المواطنين في العالم لابد أن نتيقن له ونتعامل معه بذكاء وحكمة، حيث أن طبيعة أزمة كورونا وحجمها يسببان حالة من عدم التيقن غير المسبوق، والتي من شأنها أن تخلف آثار نفسية كالقلق والاكتئاب والوحدة.
ويقول حسام نبيل الخبير والمعالج النفسي أن الاهتمام بالصحة النفسية في مثل هذه الفترات العصيبة أمرًا غاية في الأهمية، إذ يجب اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على الصحة النفسية للمجتمعات المتأثرة بالفيروس، حيث يمكن للمخاوف حول انتقال المرض من شخص إلى آخر أن تؤثر على التماسك الاجتماعي وسهولة الحصول على الدعم الاجتماعي المطلوب، وتترك أثرًا سلبيًا على الصحة النفسية، ولذا يجب علينا الاستعانة بالعديد من التدابير الإيجابية التي تساعد على العناية بالصحة النفسية للمجتمع والأفراد في مثل تلك الفترات.
ويضيف حسام إن القلق من أكثر الأعراض الشائعة التي تصيب المواطنين خلال الأزمات وحالات عدم اليقين، والقلق هو الشعور بالتوتر حيال الأمور التي تحدث حولنا أو توشك على الحدوث، ومن الطبيعي أن يصاب الناس بالقلق من إمكانية تشخيص اصابتهم بالفيروس، إلى جانب القلق من إصابة أحد الأشخاص المقربين بالعدوى، والقلق من تعرض النفس أو المقربين للعزلة الاجتماعية أو الحجر الصحي.
ويرى ستيفين تايلور، مؤلف كتاب “علم نفس الأوبئة” وأستاذ علم النفس بجامعة بريتيش كولومبيا، أن ما يتراوح بين 10 إلى 15 في المئة من الناس، لن تعود حياتهم كسابق عهدها، بسبب تأثير الجائحة على صحتهم النفسية، وتحذر مؤسسات الصحية النفسية في العالم كله من أن آثار الجائحة على الصحة النفسية من المرجح أن تبقى لفترة أطول مقارنة بآثارها على الصحة البدنية.
ويشير نبيل أن من ضمن الآثار النفسية المتوقعة والتي بدأت بالفعل في الظهور في بعض المجتمعات هو انتشار الوحدة المزمنة أو “انعدام الهدف” في الحياة بسبب إجراءات التباعد الاجتماعي أثناء الجائحة، فقد أرغم التباعد الاجتماعي البعض على الابتعاد عن الكثير من أقاربهم وأصدقائهم، والتي وجد إنها قد تطول حتى بعد انحسار الوباء، في حين أن البعض قد عزلوا أنفسهم طواعية نتيجة للخوف من الإصابة وقد يجدون صعوبة في الخروج من العزلة ومخالطة الآخرين.
ويوضح نبيل أن طبيعة أزمة كورونا وحجمها يسببان حالة من عدم التيقن غير المسبوق، وخاصة أنه ليس من المعروف بعد متى ستتعافى القطاعات الأشد تأثرا من الوباء، مثل السفر والترفيه، ولكن علينا جميعاً أن نراعي مع اتخاذ التدابير الاحترازية لتجنب كوفيد 19 أن نتخذ الإجراءات الاحترازية لتجنب الآثار النفسية للمرض والتي قد تكون أخطر وأطول، وتلك الإجراءات تتلخص في الحفاظ على التفاعل الاجتماعي في أضيق الحدود مع صديق أو قريب حتى من خلال المحادثات الالكترونية، وكذلك الحفاظ على الأنشطة اليومية وممارسة الرياضة سواء المشي أو الجري أو أي أنشطة أخرى في المنزل أو الهواء الطلق، مع ممارسة الهوايات المختلفة من قراءة ومشاهدة أفلام واستغلال هذه الأوقات في تعلم أشياء ومهارات جديدة والآن أصبح كل شيء متاح على الأنترنت من دورات تعليمية في جميع المجالات.
وأخيراً فإن نهوض المجتمعات بعد تلك الأزمات يعتمد على مدى تماسكها ودعم الجميع بعضهم لبعض وهو حجر الأساس الذي نعتمد عليه حتى نستكمل المسيرة ونستطيع التغلب على الأزمات بما خلفته من آثار عضوية ونفسية.