أخبار الصحةأمراض القدم والكاحل

الشوكة العظمية في الكعب: العلاقة بين النتوء العظمي والتهاب اللفافة الأخمصية

دكتور محمود عبد الله

الشوكة العظمية في الكعب: العلاقة بين النتوء العظمي والتهاب اللفافة الأخمصية

 

تُعد الشوكة العظمية، أو ما يُعرف طبياً بـ نتوء الكعب (Calcaneal Spur)، أحد أبرز المشاهد التي تظهر في صور الأشعة السينية للمرضى الذين يعانون من ألم الكعب المزمن. هذا النتوء العظمي يتكون في الجزء السفلي من عظم الكعب (Calcaneus)، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحالة الأكثر شيوعاً التي تسبب الألم: التهاب اللفافة الأخمصية (Plantar Fasciitis). في الواقع، يجمع الخبراء على أن الألم غالباً ما ينبع من التهاب الأنسجة الرخوة (اللفافة الأخمصية) وليس من الشوكة العظمية نفسها.


الشوكة العظمية في الكعب
الشوكة العظمية في الكعب

للتواصل واتساب

الآلية المرضية: اللفافة الأخمصية والشوكة العظمية

 

الشوكة العظمية هي في الأساس ترسيب للكالسيوم يتكون في نقطة ارتباط اللفافة الأخمصية بعظم الكعب.

  • وظيفة اللفافة الأخمصية: هذه اللفافة عبارة عن شريط سميك من الأنسجة يمتد على طول قوس القدم، وهي ضرورية لدعم قوس القدم وامتصاص الصدمات.
  • تكوّن الشوكة العظمية: عندما تتعرض اللفافة الأخمصية لشد مفرط ومزمن (بسبب الإجهاد أو الوزن الزائد)، يحدث تمزق دقيق والتهاب في نقطة ارتباطها بالعظم. يحاول الجسم إصلاح هذا الضرر عن طريق ترسيب الكالسيوم، مما يؤدي تدريجياً إلى تكوّن الشوكة العظمية في الكعب.
  • مصدر الألم: أغلب الدراسات الحديثة تؤكد أن مصدر الألم الحقيقي هو الالتهاب والتمزقات الدقيقة في اللفافة الأخمصية المحيطة بالنتوء، وليس الشوكة العظمية ذاتها. يمكن أن تظهر الشوكة العظمية في الأشعة دون أن يشعر المريض بأي ألم.

 

العوامل التي تزيد من ألم الكعب

 

هناك عدة عوامل تزيد من شدة الشد على اللفافة الأخمصية، وبالتالي تزيد من احتمالية حدوث التهاب وتكوّن الشوكة العظمية في الكعب:

  • الوزن الزائد والسمنة: تزيد السمنة بشكل كبير من الحمل والضغط على قوس القدم، مما يضاعف الشد على اللفافة الأخمصية.
  • تشوهات القدم: يعاني الأشخاص ذوي الفلات فوت (Flatfoot) (القوس المنخفض) أو القوس العالي جداً من توزيع غير طبيعي للوزن، مما يركز الإجهاد على نقطة واحدة في الكعب.
  • النشاط البدني المفرط: الجري لمسافات طويلة، أو التغيير المفاجئ في شدة التمارين، يمكن أن يجهد اللفافة.
  • الوقوف الطويل: المهن التي تتطلب الوقوف لفترات طويلة، خاصة على أسطح صلبة، تزيد من الضغط على القدم.
  • الأحذية غير المناسبة: الأحذية القديمة أو التي تفتقر إلى الدعم المناسب لقوس القدم والكعب.

 

الأعراض والتشخيص الدقيق

 

يتميز ألم الشوكة العظمية والتهاب اللفافة الأخمصية بأعراض مميزة جداً:

  • ألم الخطوة الأولى صباحاً (First Step Pain): العرض الأكثر شيوعاً هو ألم حاد ونافذ في باطن الكعب عند اتخاذ الخطوات الأولى بعد الاستيقاظ من النوم أو بعد فترات طويلة من الراحة.
  • تغير الألم: يخف الألم تدريجياً مع الحركة الخفيفة (اللفافة تصبح أكثر مرونة)، لكنه يعود عند الوقوف أو المشي لفترات طويلة.
  • موقع الألم: يتركز الألم في المنطقة الأمامية الوسطى من الكعب.

 

خطوات التشخيص

 

  1. الفحص الإكلينيكي: يقوم الطبيب بالضغط على منطقة الكعب. الشعور بالألم عند الضغط على نقطة محددة في الكعب الأمامي يؤكد تشخيص التهاب اللفافة الأخمصية.
  2. الأشعة السينية (X-ray): تُستخدم لتأكيد وجود الشوكة العظمية في الكعب واستبعاد الأسباب الأخرى للألم (مثل كسور الإجهاد).
  3. الألتراساوند أو الرنين المغناطيسي: يمكن استخدامهما في الحالات المعقدة أو المقاومة للعلاج لتقييم سمك اللفافة الأخمصية وتأكيد الالتهاب.

 

العلاج التحفظي الفعال (الخط الأول)

 

يُعد العلاج التحفظي ناجحاً جداً في علاج الشوكة العظمية والألم المصاحب لها، وتتجاوز نسبة نجاحه الـ .

 

1. العلاج الميكانيكي والدعم:

 

  • الأحذية والدعامات: ارتداء أحذية ذات دعم جيد للقوس وتبديل الأحذية القديمة.
  • بطانة الكعب (Heel Cups): استخدام بطانات أو كعب سيليكون لامتصاص الصدمات وتقليل الضغط على نقطة الألم في الكعب.
  • الجبائر الليلية: تُستخدم لشد اللفافة الأخمصية بلطف أثناء النوم، مما يمنع تقلصها ويقلل من ألم الخطوة الأولى صباحاً.

 

2. العلاج الطبيعي:

 

  • تمارين الإطالة: التركيز على إطالة اللفافة الأخمصية وأوتار الساق (وخاصة وتر العرقوب)، حيث أن قصر هذه الأوتار يزيد الشد على الكعب.
  • الكمادات الباردة: تطبيق الثلج على الكعب لمدة 15 دقيقة عدة مرات يومياً لتقليل الالتهاب.

 

3. التدخلات المتقدمة والحقن:

 

  • الموجات التصادمية (Shock Wave Therapy): تُستخدم في الحالات المزمنة. تعمل على تحفيز عملية الشفاء وتخفيف الألم في المنطقة المصابة.
  • حقن الكورتيزون: يُمكن حقن الكورتيزون الموضعي لتقليل الالتهاب بشكل سريع، لكنها تُستخدم بحذر بسبب احتمالية إضعاف اللفافة إذا تكررت.

 

4. التدخل الجراحي:

 

يُعد نادراً، ولا يُلجأ إليه إلا إذا فشل العلاج التحفظي بشكل كامل لمدة تتراوح بين 6 إلى 12 شهراً. تهدف الجراحة إلى تحرير جزء من اللفافة الأخمصية المشدودة.

 

الوقاية والخلاصة

 

الوقاية هي أفضل علاج لألم الشوكة العظمية في الكعب. يمكن تقليل المخاطر عن طريق:

  • الحفاظ على وزن صحي.
  • ارتداء أحذية مناسبة وذات دعم جيد للقوس.
  • ممارسة تمارين الإطالة بانتظام لعضلات الساق والقدم، خاصة بعد فترات الراحة.

إن فهم أن الألم ينبع بشكل أساسي من التهاب اللفافة الأخمصية بدلاً من الشوكة العظمية نفسها هو المفتاح لنجاح العلاج. مع الالتزام بخطة علاج شاملة، يمكن لمعظم المرضى التخلص من ألم الكعب واستعادة نشاطهم الطبيعي.

لا تفوتك مقالاتنا عن مرض بيرثز (Legg-Calvé-Perthes Disease)