أخبار الصحةأمراض اليد والرسغ

متلازمة النفق الرسغي: الأعراض الليلية، التشخيص، والعلاج (Carpal Tunnel)

دكتور محمود عبد الله

متلازمة النفق الرسغي: دليل شامل لأعراض اختناق العصب الأوسط وعلاجه

 

يُعد اختناق العصب الأوسط، المعروف طبياً باسم متلازمة النفق الرسغي (Carpal Tunnel Syndrome)، الحالة الأكثر شيوعاً لانضغاط الأعصاب الطرفية. تحدث هذه المشكلة نتيجة انضغاط أو اختناق العصب الأوسط أثناء مروره داخل القناة الضيقة في الرسغ، مما يؤدي إلى أعراض عصبية وحسية وحركية مزعجة في اليد والأصابع. التشخيص المبكر لـ متلازمة النفق الرسغي والتدخل العلاجي المناسب ضروريان لمنع التدهور الدائم.


متلازمة النفق الرسغي
متلازمة النفق الرسغي

للتواصل واتساب

التشريح والآلية المرضية لمتلازمة النفق الرسغي

 

لفهم سبب متلازمة النفق الرسغي، يجب معرفة تشريح النفق الرسغي (Carpal Tunnel):

  • مكونات النفق: النفق هو قناة ضيقة تقع في قاعدة الرسغ. أرضيته وجوانبه تتكون من عظام الرسغ الصلبة، وسقفه هو شريط قوي وسميك يُعرف باسم الرباط المستعرض لليد (Transverse Carpal Ligament).
  • محتويات النفق: يحتوي النفق الرسغي على تسعة أوتار (الأوتار القابضة للأصابع) والعصب الأوسط.
  • الآلية: عندما يحدث أي تورم أو التهاب داخل النفق (سواء في الأوتار أو الأنسجة المحيطة)، يقل الحيز المتاح. نظراً لأن الرباط المستعرض قوي ولا يتمدد، فإن أي ضغط إضافي يقع مباشرة على العصب الأوسط، مما يؤدي إلى انضغاطه وحدوث أعراض متلازمة النفق الرسغي.

 

وظيفة العصب الأوسط

 

يُعد العصب الأوسط المسؤول عن:

  1. الإحساس: يوفر الإحساس في الإبهام، والسبابة، والوسطى، ونصف البنصر.
  2. الحركة: يغذي عضلات اليد المسؤولة عن القبضة الدقيقة وحركات الإبهام (عضلات الـ Thenar).

 

الأسباب والعوامل المهيئة لاختناق العصب

 

نادراً ما يكون سبب متلازمة النفق الرسغي عاملاً واحداً، بل هو غالباً نتيجة عوامل متعددة تعمل معاً لزيادة الضغط على العصب الأوسط:

نوع السبب العوامل والأمثلة
أسباب ميكانيكية/مهنية الحركة المتكررة: الاستخدام المستمر والمتكرر للمعصم (الكتابة، استخدام الكمبيوتر والفأرة، الحياكة، العمل اليدوي، استخدام الأدوات الاهتزازية). تؤدي هذه الحركات إلى التهاب الأوتار داخل النفق.
أسباب مرضية جهازية التهابات الأوتار (التينوسينوفايتس)، داء السكري (الذي يسبب اعتلال الأعصاب)، قصور الغدة الدرقية، التهاب المفاصل الروماتويدي، والحمل (بسبب احتباس السوائل الذي يزيد الضغط داخل النفق الرسغي).
إصابات مباشرة كسور أو خلع في عظام الرسغ، أو وجود كتل (مثل الأكياس العقدية – Ganglion Cysts) تشغل حيزاً داخل النفق.

 

الأعراض المميزة لمتلازمة النفق الرسغي

 

تتطور أعراض متلازمة النفق الرسغي تدريجياً، لكنها تتبع نمطاً كلاسيكياً:

  1. التنميل والخدر الحسي: تنميل ووخز أو شعور بـ “تيار كهربائي” في الأصابع التي يغذيها العصب الأوسط (الإبهام، السبابة، الوسطى، ونصف البنصر).
  2. الأعراض الليلية: زيادة الألم والتنميل بشكل كبير أثناء الليل أو عند الاستيقاظ، مما يجبر المريض على هز اليدين لتخفيف الأعراض. تُعد هذه الأعراض الليلية من العلامات التشخيصية القوية.
  3. الأعراض الحركية: في المراحل المتقدمة من متلازمة النفق الرسغي، يحدث ضعف في قبضة اليد وصعوبة في أداء المهام الدقيقة، وقد يتطور إلى ضمور مرئي في عضلات الإبهام (Thenar Atrophy).

 

التشخيص: تأكيد بطء التوصيل العصبي

 

يعتمد التشخيص على الفحص السريري، مدعوماً بالاختبارات الكهربائية:

  • اختبار فالن (Phalen’s Test): يتضمن ثني الرسغ بشكل كامل لمدة 60 ثانية. ظهور التنميل يؤكد وجود انضغاط في العصب الأوسط.
  • اختبار تينيل (Tinel’s Sign): الطرق الخفيف على مسار العصب الأوسط عند الرسغ يثير شعوراً بالتنميل (مثل التيار الكهربائي) في الأصابع.
  • دراسات كهربية الأعصاب (Nerve Conduction Study – NCS): هذا هو المعيار الذهبي للتشخيص. يقيس سرعة وكفاءة توصيل الإشارات العصبية. تُثبت الدراسة وجود بطء في التوصيل العصبي عند مرور العصب الأوسط عبر النفق الرسغي.
  • الموجات فوق الصوتية (Ultrasound): يمكن استخدامها للكشف عن تورم العصب الأوسط داخل النفق.

 

خطة علاج متلازمة النفق الرسغي

 

يبدأ علاج متلازمة النفق الرسغي دائماً بالحلول التحفظية، ويتم اللجوء إلى الجراحة فقط في الحالات الشديدة أو المقاومة.

 

1. العلاج التحفظي (الخط الأول):

 

  • تعديل النشاط: تجنب أو تعديل الحركات المتكررة والإجهاد المفرط لليد.
  • الجبيرة (Splinting): استخدام جبيرة تثبت الرسغ في وضع محايد، خاصة أثناء النوم، لمنع ثني الرسغ الذي يزيد الضغط على العصب الأوسط.
  • حقن الكورتيزون: حقن الكورتيزون الموضعي داخل النفق الرسغي يقلل التورم والالتهاب حول الأوتار، مما يوفر تخفيفاً سريعاً للأعراض.

 

2. العلاج الجراحي:

 

يُوصى بالجراحة في حالة استمرار الأعراض لمدة تزيد عن 6 أشهر رغم العلاج التحفظي، أو في حال وجود ضمور عضلي واضح.

  • فكرة الجراحة: تهدف الجراحة إلى زيادة مساحة النفق الرسغي عن طريق قطع الرباط المستعرض لليد. هذا يزيل الضغط المباشر عن العصب الأوسط، مما يسمح له بالتعافي.
  • التقنيات: يمكن إجراؤها بتقنية الجراحة المفتوحة أو باستخدام منظار داخلي (Endoscopic Release)، وكلاهما يتمتع بنسبة نجاح عالية جداً في تخفيف الأعراض.

 

المضاعفات المحتملة في حال الإهمال

 

يُعد التدخل المبكر أمراً حاسماً، حيث يمكن أن يؤدي الإهمال في علاج متلازمة النفق الرسغي إلى مضاعفات مزمنة لا رجعة فيها:

  • ضمور دائم: تلف دائم في العصب الأوسط يسبب ضموراً دائماً في عضلات الإبهام (Thenar Atrophy).
  • فقدان إحساس دائم: فقدان دائم في الإحساس في الأصابع المصابة.
  • ضعف وظيفي: فقدان القدرة على أداء المهام الدقيقة، مما يؤثر بشدة على الأنشطة اليومية وجودة الحياة.

 

الخلاصة

 

متلازمة النفق الرسغي هي حالة شائعة ومهنية تحدث نتيجة انضغاط العصب الأوسط داخل القناة الضيقة. التشخيص السريري، المدعوم باختبارات التوصيل العصبي، ضروري. ولحسن الحظ، فإن العلاج التحفظي غالباً ما يكون فعالاً، وفي الحالات التي تتطلب جراحة، تُعد عملية تحرير النفق الرسغي بسيطة وذات نتائج ممتازة في استعادة وظيفة اليد وتخفيف الأعراض بشكل دائم.

لا تفوتك مقالاتنا عن اعوجاج الإصبع الأكبر للقدم (Hallux Valgus)