أخبار الصحةعظام الاطفال

قصر القامة عند الأطفال

دكتور محمود عبد الله

قصر القامة عند الأطفال: متى يصبح مؤشراً لضرورة التدخل الطبي؟

 

يُعرف قصر القامة عند الأطفال بأنه حالة يكون فيها طول الطفل أقل من المتوسط المتوقع لشريحة عمره وجنسه، وغالباً ما يتم تعريفه بأن يكون طول الطفل تحت النسبة المئوية الثالثة لمخططات النمو القياسية. هذه الحالة ليست مجرد مسألة جمالية أو وراثية، بل هي مؤشر هام قد يدل على وجود اضطرابات صحية أو هرمونية تتطلب التشخيص والتدخل المبكر لضمان نمو سليم.


للتواصل واتساب

معدلات الطول الطبيعي المتوقعة للطفل

 

يجب على الأهل متابعة معدل نمو الطفل السنوي، حيث يعتبر النمو الطبيعي حوالي 5 إلى 10 سم سنوياً في السنوات الأولى. يوضح الجدول التالي متوسط الطول المتوقع في بعض المراحل العمرية (مع الأخذ في الاعتبار أن هذه مجرد متوسطات وقد تختلف الأرقام):

المرحلة العمرية متوسط الطول المتوقع
حديثي الولادة حوالي 50 سم
عمر 1 سنة حوالي 75-80 سم
عمر 2 سنة حوالي 85-90 سم
عمر 5 سنوات حوالي 110-115 سم
عمر 10 سنوات حوالي 135-140 سم

 

الأسباب الرئيسية لـ قصر القامة عند الأطفال

 

يمكن تقسيم أسباب قصر القامة عند الأطفال إلى عدة فئات رئيسية:

 

1. العوامل الطبيعية والوراثية

 

  • قصر القامة العائلي: إذا كان أحد الوالدين أو كلاهما قصير القامة، فمن المرجح أن يكون الطفل قصيراً ولكنه ينمو بمعدل طبيعي.
  • تأخر النمو الدستوري: ينمو الطفل بمعدل بطيء في البداية ثم تحدث “قفزة” نمو متأخرة (Late bloomer).

 

2. الاضطرابات الهرمونية

 

  • نقص هرمون النمو (GH Deficiency): السبب الهرموني الأبرز، حيث يؤدي نقصه إلى تباطؤ معدل النمو.
  • مشاكل الغدة الدرقية: قصور الغدة الدرقية يؤثر سلباً على عملية الأيض والنمو.
  • مشاكل الغدة الكظرية: اضطرابات هرمونات الكورتيزول قد تؤثر أيضاً على طول الطفل.

 

3. الأمراض المزمنة وسوء التغذية

 

  • الأمراض المزمنة: أمراض الكلى، أمراض القلب، أمراض الجهاز الهضمي الالتهابية، أو الاستخدام طويل الأمد للكورتيزون.
  • سوء التغذية ونقص الفيتامينات: نقص البروتينات والفيتامينات والمعادن الأساسية، وخاصة نقص فيتامين د والكالسيوم والزنك، يمكن أن يؤدي إلى الكساح وتأثيره المباشر على نمو العظام.

 

4. مشاكل العظام والهيكل العظمي

 

  • تشوهات العظام: مثل أمراض العظام المزمنة أو تشوهات محددة تؤثر على نمو الغضاريف.
  • مشاكل ما قبل الولادة: الولادة المبكرة أو انخفاض الوزن عند الولادة.

 

التشخيص: تحديد السبب وبداية العلاج

 

يتطلب تشخيص قصر القامة عند الأطفال نهجاً شاملاً يبدأ باستشارة طبيب الأطفال أو أخصائي الغدد الصماء للأطفال:

  1. قياسات النمو الدقيقة: قياس طول الطفل ووزنه ومحيط رأسه ومقارنتها مع مخططات النمو الخاصة به ومعدل نموه السنوي.
  2. تقييم العمر العظمي: يتم إجراء الأشعة السينية على الرسغ واليد لتحديد عمر العظام (Bone Age). إذا كان العمر العظمي أصغر من العمر الزمني، فقد يشير ذلك إلى وجود تأخر في النمو يمكن تداركه.
  3. الفحوصات الهرمونية والجينية: تشمل تحاليل الدم لقياس مستويات هرمون النمو، هرمونات الغدة الدرقية، وعوامل النمو الشبيهة بالأنسولين (IGF-1).

 

هرمون النمو وعلاقته بجودة النوم

 

يؤكد الأطباء على أن النوم له علاقة وثيقة بنمو الطفل، وهو أحد أهم العوامل التي يجب تقييمها عند البحث في أسباب قصر القامة عند الأطفال.

  • ذروة الإفراز: يُفرز هرمون النمو، المسؤول عن نمو العظام والأنسجة، بشكل رئيسي أثناء النوم العميق، وخاصة خلال الساعات الأولى من الليل.
  • النوم المتقطع: إذا كان الطفل يعاني من نوم متقطع أو غير كافٍ، فقد يقل إفراز هرمون النمو، مما ينعكس على نمو العظام والطول.
  • الحرمان المزمن: الحرمان المزمن من النوم العميق قد يؤدي إلى تباطؤ في الطول وقد يسبب أيضاً زيادة في الوزن (السمنة) بسبب تأثيره على هرمونات أخرى مثل الكورتيزول والأنسولين.

 

عوامل نوم جيدة تدعم النمو:

 

  • النوم في موعد ثابت كل ليلة.
  • إطفاء الشاشات (التلفاز، تابلت، موبايل) قبل النوم بساعة على الأقل.
  • تهيئة بيئة نوم هادئة ومظلمة لدعم الوصول إلى مرحلة النوم العميق.

 

خيارات علاج قصر القامة

 

يعتمد علاج قصر القامة بشكل كامل على السبب الذي تم تحديده:

  1. العلاج بهرمون النمو: في حالة تشخيص نقص هرمون النمو، يمكن استخدام العلاج التعويضي بهرمون النمو الصناعي لزيادة الطول، ويستمر هذا العلاج حتى الوصول إلى الطول النهائي المتوقع أو إغلاق صفائح النمو.
  2. علاج الأمراض الكامنة: يجب علاج الأمراض المزمنة التي تؤثر على النمو (مثل السيطرة على أمراض الكلى أو علاج قصور الغدة الدرقية) لتعزيز نمو الطفل.
  3. تعديل النظام الغذائي: ضمان حصول الطفل على جميع العناصر الغذائية الضرورية للنمو السليم، مع التركيز على البروتينات والفيتامينات والمعادن.
  4. عمليات تطويل القامة (Limb Lengthening Surgery):
    • الآلية: تُعتبر هذه العمليات من التقنيات المتقدمة في جراحة العظام، وتعتمد على خاصية تمديد العظام التدريجي (Distraction Osteogenesis). تتضمن العملية كسر العظم المراد تطويله، ثم فصل الأجزاء عن بعضها تدريجياً (عادة بمعدل 1 ملم يومياً) باستخدام أجهزة تثبيت خارجية (جهاز الإليزاروف) أو داخلية (المسامير النخاعية).
    • حدود التطويل: يتم زيادة طول عظمة الساق بحد أقصى عشرون في المائة من طولها الأصلي.
    • مدة النقاهة والنجاح: تتراوح فترة النقاهة بين ثلاثة إلى ستة أشهر. وتتراوح نسبة نجاح العملية بين 90% و 95%، وتعتمد بشكل كبير على خبرة الجراح والالتزام الدقيق لتعليمات ما بعد العملية، بما في ذلك العناية بالجهاز والتعقيم لتجنب المضاعفات.

الورم العظمي الغضروفي (Osteochondroma)

مصادر إضافية حول عمليات تطويل القامة

 

للاطلاع على تفاصيل إضافية حول آليات جراحة تطويل العظام، يمكنك مشاهدة الفيديوهات التالية:

    1. تطويل العظام باستخدام جهاز الاليزاروف:
      • يتناول الفيديو حالة فعلية لعملية شق عظمي لتصحيح تقوس وتطويل العظام باستخدام جهاز إليزاروف، ويسلط الضوء على رحلة المريض وتحديات فترة النقاهة والتحميل التدريجي على الجهاز.
      • رابط الفيديو
    2. قصر القامة وعمليات تطويل العظام مع دكتور محمود عبدالله:
      • يناقش الفيديو بشكل عام متى يجب البدء في تقييم قصر القامة عند الأطفال، دور الأطباء المتخصصين (الغدد الصماء والتغذية)، ومتى يتم التفكير في خيار جراحة تطويل العظام كحل نهائي.
      • رابط الفيديو

تطويل العظام باستخدام جهاز الاليزاروف
دكتور العظام محمود عبد الله · 165 views